Thursday, January 17, 2008

عندما يأتي العشاء

قررت طهقانة انها تاخد إجازة...مننا، ولظروف قاهرة خرجت بره القاهرة ، وكانت فرصة طيبة لأعرف مدى معزتها عندي ومعزتي عندها ، وبعيدا عن المشاعر ، كان لازما علي ان اطعم الفم ..ليس لتستحي العين... إنما.. لان العيال لازم ياكلوا.. مين اللي هايطبخ يعني؟

لبست ملابس الجهاد ، وأمسكت أسلحتي ، ارتديت مريلة المطبخ ، وقفازات بلاستيك ، وكان ناقص ألبس الزمبيل (الطرطور الابيض الطويل) ، وبدأت في ضرب الطماطم في الخلاط ، اتحرك حركة كارتونية ، استعمل اطرافي الخمسة ..لو أضفنا العينين كطرف خامس، يد تمسك السكينة ، والأخرى تقلب البشاميل، رجلي اليمين تغلق باب المطبخ السفلي..رجلي الشمال بتهرش في قفايا، عنيا حائرة بين الورقة المكتوب فيها الوصفة ومقاديرها ، وبين الوصفة نفسها، البصل على النار، اللحمة بتتعصج ، باسخن الفرن ، في صراع مع عقارب الساعة ، كتفي يسند سماعة الهاتف .. قولي لي.. البشاميل بيتحط الأول والا المكرونة الأول؟ .... انفاسي تلاحقني وبدأ قلبي يوجعني،

الواد قلبو بيوجعوا، وعايز حد يدلعو ، ، الواد بيقول الأه.... مش لاقي حد معاه
مابلاش تلعب بالنااار النااار الناااار،

هل يا ترى عرف الجيران بوضعي .... فقاموا بتشغيل هذه الاغنية .. فأرسلوا بهاء سلطان معايراً ، ورفعوا صوت الكاسيت ، حتى يصلني عبر الشباك ,,,! يالا..هايروحوا من ربنا فين!!!!

ما علينا ، لم أنسى ذلك اليوم الذي قررت اعمل فيه حلة فاصوليا باللحمة ، وحطيتها على النار وجلست العب مع الأولاد في البلاي ستيشن ، واثناء المبارة، يقول لي احدهم...بابا.. انا شامم ريحة بطاطس... ! انا: بطاطس دا إيه .. دا انا عامل أحلى فاصوليا ماحصلتش ، ، ، ، والله ريحة بطاطس ...... ! قلت أقوم أشوف يمكن الفاصوليا أصلها بطاطس ورجعت لاصلها على النار ، طبعا رأسا من على البوتاجاز بالحلة باللي فيها على الزبالة ،وبكده تكون ثالث حلة تيفال تترمي في غضون أربعة أيام حد يتصل على مؤمن يجيب لنا غدا ، والله يا أولاد انا عملت كل جهدي علشان أزود لها المية بس الظاهر العجل اندبح وهو ميت من العطش ، العتب على العجل

قولت اروش العيال وأعمل لهم صينية أم علي في الفرن ، ... الواد طهقان الكبير.. يضرب المعلقة في الطبق ، وبابتسامة بريئة
يقول: ..تسلم إيديك يا بابا، ... ويرفع المعلقة إلى فمه ، - ورغم أنه مؤدب، إلا أنه - بعدما داق قطعة – افلتت من اللا وعي عنده هذه الجملة كرد فعل طبيعي : إيه القرف دا !!!؟ "

...أ ا أ؟ أسف يا بابا.. انت تعبت صحيح ، وبقالك ساعتين واقف في المطبخ... إنما... بيني وبينك وماتقولش لحد..إن شاء الله مش هاتقول لحد... دي مقرفة قوي.

أنا : شكرا يا سيدي... طب دوق إنت يا طهقان يا صغير ...
طهقان الصغير..: أي .. ايه المغص المفاجئ دا.. الظاهر يا بابا ماليش نصيب ادوق... نخليها في التلاجة وبكرة أكلها،
طهقان الكبير.. لا... انت عايز تهرب.. هاتدوق يعني هاتدوق...إشمعنى انا
طهقان الصغير : خليك محضر خير
طهقان الكبير : ... بصراحة شكلها مش ام علي خالص.. ماما كانت بتعملها بطريقة مختلفة ،
طهقان الصغير : الظاهر بابا غلط وحضر روح المرحومة جدة علي نفسها .
.
وعندما يأتي العشاء ، تتجدد المواجع والآلام .. وتتكرر المأساة
وانا قاعد أدق الثوم . وابشر البصل وامسح دموع عنيا ، أتطلع من شباك المطبخ ، وأناجيها على البعاد ، وأخاطب السحاب ، أرسل معه رسائلي إليها، وأشواقي.. اهمس للسحاب المسافر..ايتها السحابة بلغيها ...اني اشتقت إليها، بحبك وحشتيني، بحبك وانت نور عيني ، حتى وانت ... بحبك موت ، أنا اعرف أيتها السحابة أنك مرسال بين الأحبة، أرجوكي بلغيها هذه الرسالة وسأنتظر ردها من خلالك أيضا .. تقول لي ..بحبك بحبك ..بحبك ... ، ولما تأخر الجواب، أقسمت على السحابة أن تأتيني بالرد ، يالا...قولي أحبك ، الحيت عليها.. ها.قوليها...، ويأتيني الرد سريعا من خلال الشباك ، على صوت سعد الصغير....بحبك يا حمار .


Posted by طهقان :: 9:30 AM :: 50 Comments:

Post a Comment

---------------------------------------